مناقشات الجلسة الرابعة

الرئيسية إصدارات كلمة سواء مؤتمر "كلمة سواء" السادس: حوار الحضارات ... اجتمعنا من اجل الإنسان

مداخلة الدكتور حسين غربية
بسم الله الرحمن الرحيم
لدي استفسارت وتساؤلات في مفهوم الحضارة فما هي الحضارة؟ كما فسرها بعض المتحدثون قبلي في هذا المؤتمر فانها تعني حضر أي حاضر عكس متنقل أو بادٍ. ولكن كما يفهم من الحضارة بشكل عام هو الانجاز الفكري بشقيه الثقافي والعلمي أي أن الحضارة شيء إيجابي في ذاته، كما الشر شيء سلبي في ذاته، والسؤال هنا: هل يمكن للإيجابيات أن تتصارع وتتصادم أم تتكامل وتتطور؟ أما السؤال الثاني: أين هي هذه الحضارات المتصارعة اليوم؟ برأيي هو أن الحضارة الموجودة اليوم هي الحضارة الغربية في مواجهة شعوب أخرى كان لها حضارة في العالم الإسلامي والشرق بشكل عام، كالحضارة الفرعونية والسومرية والهندية والصينية والفارسية إلخ...

فأين مركزية الحضارة الإسلامية اليوم، عندما نتكلم عن الحضارة الإسلامية.

إنه لمن الطبيعي أن تتمدد الحضارة لتسيطر وإلا فهي ليست بحضارة وهذا ما كان من الحضارات القديمة فقد تبدلت الحضارة الفارسية والبيزنطية والفرعونية والسومرية والهندية والحضارة الإسلامية أيضاً، تمددت شرقاً وغرباً لبسط نفوذها بغض النظر عن الطريقة والهدف، والحضارة ممتدة لأنها حضارة. وهذا ما يقوم به العالم الغربي اليوم ومركز هذا العالم الولايات المتحدة، فكيف يحق لنا الطلب من هذه الحضارة التوقف عن تمددها وقد أصبحت المسألة مسألة صراع قوي، هل استطاع أحد ايقاف الحضارة الإسلامية في الماضي عندما كانت في أوج قوتها، وخصوصاً عندما كان لها مركزية سياسية سواء تحت الحكم الراشدي أو الأموي أو العباسي. لم تنهار الحضارة الإسلامية إلا عندما توقفت عن الحركة بينما الآخرون في أروبا بدأوا بالحركة التي أوصلتهم اليوم إلى السيطرة على العالم، وما مطالبتنا اليوم وكدول اسلامية متفرقة للعالم الغربي بالتوقف عن هذا التمدد، ما هو إلا كمطالبة الضعيف للقوي الذي إذا شاء توقف وإذا شاء استمر، دون رادع يردعه، وشكراً.

تعقيب الأستاذ وليد نويهض
لن أخوض في تعريف معنى الحضارة فهناك أكثر من تعريف ولكن سأختصر المسألة بنقطتين، أظن أن الأستاذ قد خلط بين مستويين من الحضارات، الحضارات الحجرية والحضارات الكتابية.

الحضارة الكتابية: تتميز عن غيرها بالقدرة على الاستمرار على التوصل إلى إعادة انتاج نفسها، انطلاقاً من نص وانطلاقاً من إعادة فهم هذا النص في ضوء المستجدات. فلا بد من التمييز ما بين مستويين من الحضارات.

الحضارات السابقة نشاهدها كأحجار، كمعابد، كمواقع، كآثار، بينما الحضارات الكتابية التي تعتمد على الكتابة لها القدرة على الاستمرار وهي موجودة وتؤثر في السياسة في الثقافة وفي الفكر وأيضاً في الاستراتجيات الدولية. الكلام عن صراع قوى هو صحيح، أحياناً الغرب يتحدث عن صراع حضاري، ولكن إذا دققنا في المسألة نكتشف أن المقصود من الصراع الحضاري هو الصراع على المصالح، ولا شك أن الصراع على المصالح مسألة أساسية سواء على مستوى توازن القوى، وعلى مستوى مفهوم القوة، وهو موضوع حاجة الدول العربية فعلا الى اعادة تجديد نفسها، إلى امتلاك القوة الى تعديل موازين القوى.

ولكن ما يحصل اليوم هو أن الصراعات الحالية بسبب التقدم الذي حصل والتداخل الذي حصل أدى إلى نوع من السيطرة العالمية هذه السيطرة العالمية، لم تكن موجودة في عصر الخلافة العباسية أو الخلافة الاموية أو في العصور المتأخرة من التقدم البشري. السيطرة الدولية على مراكز القوى في العالم، تدفع هذه القوة الكبرى إلى التدخل لكسر إمكانات تقدم القوى الإقليمية ومحاولات القوى الصغيرة للتقدم الحضاري، فهذه السيطرة الدولية التي تأسست منذ تقريباً ثلاثة قرون أعطت قوة إضافية للقوة الأولى لكسر أي محاولة للتقدم. ونلاحظ الآن ان هذه القوى الكبرى تفتعل أحياناً الأزمات للتدخل ظناً منها أن هذه القوة الإقليمية كالصين أو ايران أو الهند قد تنهض في المستقبل فعلينا أن نفتعل أزمة لنحتوي هذه الأزمة وبذريعة الاحتواء نتدخل لكسر إمكانات التقدم المتوقع، هذا التقدم بعد عشر سنوات أو بعد ربع قرن أو ما يزيد. إذاً الحضارات دورات، ولا بد من أن تكون هذه الخطوة المغامرة للولايات المتحدة الاميريكة قد تنجح عسكرياً ولكنها ستفشل سياسياً وهذا الفشل السياسي أعتقد أنه خلال عشر سنوات أو أكثر ستكون بداية التراجع، تراجع القوة الاميركية المهيمنة الآن على هذا العالم وهذا ما أستطيع أن أقوله.

تعقيب النائب الحاج محمد رعد
أريد أن اضيف توضيحاً لما ورد للدكتور عن الحضارة الإسلامية أو السؤال عنها. في الحقيقة انه إذا كنا نسلم بأن الحضارة هي تركيب معقد من الثقافة والسلوك والفنون والعلوم، والتي تنعكس انجازات مدنية وتصل إلى مستوى مركزية السلطة السياسية، الحضارة الإسلامية عايشناها فترة طويلة من الزمن إلا أن انجازاتها المدنية ومركزيتها السياسية انكفأت في فترة من الفترات، لكن قدره ثقافتها على استيلاد واستنهاض مشروع الأمة الحضارية الإسلامية من جديد لا تزال كاملة. وهذا الأمر يخشاه المدققون ويخشاه الاستكباريون الذين يعرفون قدرة الإسلام على النهوض مجدداً كأمة يمكن أن تجدد رونقها الحضاري. هذا ما أحببت أن أشير إليه، يعني انكفاء الحضارة الإسلامية عن السلطة السياسية وغياب مركزية السلطة السياسية لا يعني ضمور أي قدره للتجدد الحضاري عند المسلمين، وما نعيشه اليوم في العالم الإسلامي هو إرهاصات تشير إلى نمو هذه القدرة. وهذه الإرهاصات هي ما يتوجس منها الغرب المستكبر خيفة على مصالحه في المستقبل، لأنه يدرك أن مصالحه إنما يقتطعها من العالم الإسلامي الذي سيستفيق يوماً ليستعيد ما احتله واغتصبه المستكبر.

مداخلة السيد حسين شرف الدين
باسمه تعالى
السلام عليكم وشكراً لسعادة الرئيس وللمحاضرين الكبيرين وقد أوقفونا على ميادين فساح للمعرفة، وليسمحوا لي بتعليقة سريعة.

ما طرح في هذه الجلسة وضع نقاطاً أساسية على القضية الفلسطينية من خلال العلاقات الدولية و(المجالات) مع مجلس الأمن، ولجان هيئة الأمم المتحدة وغيرها، وأرجو الا احمل المحاضرين تصوري لما كنت انتظر الاستماع إليه، وما اختاره في مسار البحث أوجز الصراع القانوني مع الصهيونية بشمولية ووضوح.

ولكن ما احتاجه كمواطن عربي مسلم أن تطرح أمامي مفاصل التضاد الذي لا تلاقي فيه بين التكوين الثقافي التوراتي، والتكوين الثقافي الإنجيلي – القرآني.

الحروب والاعتداءات والاجتياحات والتصريحات والبيانات الصادرة عن السلطة الصهيونية على تعاقب شخصيات الحكم فيها، يجب أن توصلنا إلى القناعة بهذا التضاد، واستحالة التعايش.

الثقافة الصهيونية مبنية على ما في التوراة من دعاوى الابادة والقتل لكل ما هو غير يهودي، وإن كان لا بد من وجود (أغيار) فليس أكثر من مهام دواب لخدمة شعب الله المختار، يدبون على الأرض مغسولي الدفاع، أو حسب التعبير التوراتي: فاقدي الظل، ولا تقوم هذه التعليقة بإيراد العشرات من العبارات الداعية للقتل والإبادة، وكل الممارسات الصهيونية سائرة في هذا الاتجاه.
الاطروحات القانونية وسيلة التخاطب الدولي، وليس لها موقع في المجازر التي تقيمها الصهيونية في بلادنا وارضنا، كما انها لم توفر لنا نتيجة في ما ندعيه من حق عربي.

لذا، فليس أمامنا إلا أن نحقق الآيات النورانية بأن كل الغيار خلقوا لخدمة اليهود، بما يطرح من اعتراف وتطبيع وغير ذلك، أو نتبع الآيات الإلهية في كل ما أوحى به وبكل بعوثه وكلماته ومخلوقاته لنصوغ من نفسنا الإنسان الإلهي، والإنسان الإلهي تجسد تحريراً في لبنان، وهو قدوتنا في معاركنا القادمة مع الصهيونية، والصهيونية لا تخاطب إلا نفسها، ونفسها تشكيل حرب ودمار ودماء، وليس من جواب إلا: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل.

وشكراً.

مداخلة السيد محمد علي فرحات
بسم الله الرحمن الرحيم

نحن متفقون جميعاً أننا بجانب البعبع الاسرائيلي والغول الامريكي والأخطارالمجهولة المنتظرة من المستقبل المجهول، من حرب عالمية ثالثة أو نووية الخ.. ونحن يجب أن نستفيد ونأخذ العبر من الماضي القريب، حيث أن في الحرب العالمية الأولى والثانية لم يكن هناك أي دور ولو صغير جداً للدول الصغيرة، وللمجتمعات الفقيرة، فكانت متبوعة لا تابعة، ومتأثرة لا مؤثرة، فكنا جنوداً في جيش الأتراك أو الحركة العالمية التي تسير بنا نحو الدمار الذي لا نريده أو المجهول الذي لا نعلمه. فإذاً ما هو الحل؟ نحن كلنا متفقون على الخطر.. ماذا فعلنا من أجل هذا؟ فأنا أرى بالنسبة للبنان اننا نحن كدول مواجهة يجب أن نستعد للمواجهة.

ماهي المواجهة؟ لا يكفي الكلام.. الفعل؟ ما هو الفعل. كيف نستطيع أن نقتلع هذا السرطان أو هذا العدو أو هذه القوة الهائلة؟ أنا أتصور أن الحل أن نبدأ بالوحدة الوطنية أن نبدأ بالتربية أي إعادة البرامج المدرسية والمنهجية الجامعية بتربية وطنية، باستطاعة لبنان أن يفعل الكثير من أجل العرب، هذا أولاً.

ثم على الصعيد القومي أن يكون لنا علاقة أكثر من التنسيق مع سوريا أو مع السعودية. فعلاً إن لبنان بما له من ثقافة، ومن رؤية روحية دينية بين الحضارتين أو الديانتين الاسلامية والمسيحية مؤهل أن ينشر دعوة الوحدة العربية. ومع الأسف نرى أن هذه الدعوة لم تأت إلا من مصر أو من أقطار أخرى، وكأن لبنان قد أفلس فكرياً وروحياً وثقافياً وحضارياً، فلا يستطيع أن يطرح حلاً لمشكلة السلام في العالم، وعلى الأقل المشكلة العربية أو المشكلة الاقليمية التي يتألم ويذوب فيها على مدى عشرات السنين. كان دور لبنان في الحرب التي استمرت15سنة، وكان دور كوسوفو وبلغراد وجاء دور افغانستان مثلا. وكان هناك دور لليبيا والسودان. الإرهاب العالمي يضرب في أي مكان، ماذا فعلنا لنتحصن ضد هذا الإرهاب العالمي؟ ثم طبعاً أنا أحب المسيحيين كما أحب المسلمين، فعلاً أنا مسيحي حقيقي ومسلم حقيقي، ولا فرق عندي في المعنى الانساني الايماني للروحية وللدين الحقيقي الذي هو ممارسة روحية ترفع الإنسان وتقربه من أخيه الانسان، وكما قال نبينا الأكرم: "الخلق كلهم عيال الله وأقربهم الى الله أنفعهم الى عياله". حقيقة لا أريد أن أدخل في موعظة، إنما أريد أن أرى قوة العرب وقوة لبنان وقوة اي إنسان مع انسان آخر أن توحد الطاقات من أجل الدفاع عن الحق المتفق عليه وعن المبادىء السامية التي نؤمن بها، حتى لا نلوك الكلام كما نلوك العلكة الشكلس. فأنا أرى أن لبنان مؤهل أن يدعو لوحدة عربية، ولماذا مثلاً هذا التقوقع لإخواننا المسيحيين حول الامتيازات والرئاسة، هل هم في منأى عن الخطر الصهيوني هل هم في منأى عن الخطر الارهابي العالمي؟ هل هم في منأى عن الحكم الأمريكي مثلاً؟ مع احترامي للأخوة المسيحيين. فأنا أرجو وأريد أن أسمع ولو لمرة واحدة نائباً واحداً أو وزيراً واحداً، مثقفاً واحداً، يجرأ أن يتكلم عن الوحدة. كأن الوحدة تخيف. فأنا أرى أن الحكم السوري أفضل من الحكم الصهيوني، وأفضل بكثير من الحكم الاميريكي، مثلا، فنحن يمكن أن نطرح الوحدة بشكل برنامج عملي.

تعقيب النائب الحاج محمد رعد
دعنا نبدأ من الساحة اللبنانية، هذه الساحة عاشت تجربة خلال السنوات الماضية استعاد الناس خلالها هويتهم الحضارية، عاشوا شخصيتهم، شخصوا عدوهم ووضعوا برنامجاً للمواجهة، استطاعوا أن يطردوا الاحتلال الصهيوني من لبنان، وكان هذا انجازاً كبيراً في هذه المرحلة، دعنا نؤسس على هذا الانجاز لنعمم تجربة المقاومة من خلال التواصل مع عالمنا العربي، من خلال التواصل مع عالم المستضعفين مع التركيز على نقاط القوة التي عشناها خلال هذه التجربة ومحاولة تشخيص نقاط الضعف الذاتية، وتشخيص العدو أيضاً ووضع برامج مركزة وممنهجة حتى نسير بخطوات مدروسة، نحو الأهداف التي ننشدها.

نحن لا نخشى لا من الوحدة العربية ولا من التضامن العربي. بل على العكس هذه أمنية وأحلام تساور الجميع، حتى لا تبقى أحلاماً يجب أن نبدأ بالخطوات الواقعية العملانية بعيداً عن الخطابات والاحتفالات، ما ننشده وما يمكن أن يساعدنا على الاسراع في تحقيق أهدافنا وتحقيق كرامتنا وسيادتنا على أرضنا، هو أن نعرف ماذا نريد، ومن أين ننطلق ونضع برنامجاً نضالياً واقعياً نعرف مع من نتحالف، ومع من نتخاصم، من هو العدو الحقيقي؟ وما هي الأولويات والوسائل والأساليب التي يمكن أن تستخدم وساعتئذ يمكن أن نحقق انجازات تتراكم وصولاً الى الانجازات الكبرى التي هي بمثابة الأحلام.

شكراً لكم جميعاً . شكراً للأستاذين الباحثين نافذ ووليد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.