اليوم الأول - الجلسة الثانية
الانسانية وجود واحد
الدكتور خالد زيادة
أيها السيدات والسادة:
الانسانية تعيش بوجود واحد يتفاعل بمختلف اجزائه مع بعضه البعض وكلما ارتقت ثقافة الانسان وازدادت معرفته تجلت هذه الحقيقة وازدادت وضوحاً، هذا ما يقوله الامام موسى الصدر في محاضرة له ألقاها في الندوة اللبنانية في عام 1964.
ويضيف قوله: "وتجزئة هذا الوجود خلاف للناموس الالهي اذ خلقه موحداً وهي خلاف لطبيعة الانسان وفطرته التي تتبع هذه الوحدة كما انها خلافاً لمصلحته العليا القائمة على التعاون والتفاعل بين ابناء الاسرة البشرية".
اجل ان ما يقوله الامام موسى الصدر يبقى تعريفاً اصيلاً لثقافة الانسانية وقد ادرك ان التعدد الديني في لبنان ليس الا وجهاً لهذه الوحدة اذا ما احسن التعامل مع التعدد والتنوع الذي يجعل من لبنان حاجة إنسانية للعالم اجمع، هذا العالم الذي ما انفك يسعى الى إحلال مفاهيم التسامح والتعاون والحوار، والامام الصدر يدرك الخصوصية والميزات التي يختص بها كل شعب او جماعة ومع ذلك لا تناقض ولا تباين بين الخصوصيات وبين هذا النزوع الى اكتمال ثقافة الانسان الواحدة لان الميزات هي التي تبين الحاجة الى الوحدة بل هي الأوجه المتعددة لثقافة الانسانية الواحدة.
كان الامام الصدر بعد عودته الى لبنان يثير لدى اللبنانيين جميعاً علامات الدهشة لقدرته على صياغة الافكار الجديدة الثائرة على الجمود والتقاليد وهو المتقيد بالتقليد لم يكن يجد غضاضة لتبني ما يراه للمسلمين واللبنانيين كافة، بل كانت له القدرة على صياغة مطالب الحداثة بلغة تتناسب ومقاصد الشريعة ونحن اشد ما نكون بحاجة اليوم في لبنان وسائر العالم للغة الامام الصدر ومفهومه عن الثقافة التي تستوعب وتوحد لا التي تفرق.
معنا في هذه الامسية المحاضر والكاتب والمفكر سيادة المطران جورج خضر الذي هو احد رفاق الإمام في الدعوة إلى الحوار بين ايناء الديانتين وسيادة المطران عالم حاضر في حياتنا الروحية والفكرية والثقافية يثابر على الحضور من زاويته الاسبوعية ليضفي منحته التأملية على حاضرنا، ومعاشنا، رفيق درب الامام الصدر في الحوار والانفتاح على الثقافة الانسانية الواحدة وهو الذي يريد ان يكون للامة حضورها ومشاركتها في عالمنا الراهن.
يحدثنا اليوم عن البعد العالمي في ثقافة الامام الصدر.
