داخل الإنسان: ثقافة وهوية - رئيس الجلسة: الوزير محمد يوسف بيضون

الرئيسية إصدارات كلمة سواء مؤتمر "كلمةٌ سواء" الرابع: الهوية الثقافية - قراءات في البعد الثقافي لمسيرة الإمام موسى الصدر

اليوم الثاني - الجلسة الثالثة

داخل الإنسان: ثقافة وهوية
معالي الوزير محمد يوسف بيضون

بسم الله الرحمن الرحيم

نحن الآن في اليوم الثاني والجلسة الثالثة في اطار برنامج مؤتمر الهوية الثقافية قراءات في البعد الثقافي في مسيرة السيد الامام موسى الصدر، محاضرانا اليوم د. مجدي حماد ود. جميل قاسم قبل ان اعرف كل منهما اود ان اؤكد ان موضوع محاضرة الدكتور حماد "الثقافة العربية في مواجهة التطبيع"، هي اهم موضوع في اطار العلاقات الاسرائيلية او العربية في حال تمّ السلام العادل والشامل في المنطقة وعادت الحقوق العربية الى اصحابها، المال، السلاح وسائر الامكانات كلها امور يمتلكها الانسان خارج نفسه قد يحتفظ بها وقد يخسرها، الا ان ما يملكه الانسان داخل نفسه هو ثقافته وهويته قد يحصل السلام العادل كما قلت ويتم الاعتراف المتبادل وتفتح الحدود ويتأمن انتقال الاشخاص والاموال و ستستمر اسرائيل في تقوية نفسها مادياً ومعنوياً متكلة على ابنائها الذين اعتنقوا الصهيونية وانتشروا في بلاد الغرب المؤثرة في عصرنا، وستعتمد على ما توصلت اليه من تقدم في التكنولوجيا والعلوم وستفعل كل شيء لتنتصر علينا في ميادين شتى ولكن ثقوا بان هدف اسرائيل الحقيقي سيكون معركة ومعركة قاسية ضد الثقافة العربية وضد هويتنا وانا لا اميز بين ثقافتنا وهويتنا.

مقاومتنا ستكون في هذه الساحة (الساحة التي ذكرت)، في عودة الى الوراء لا حاجة لان نكتشف وانما لنلاحظ ان مصر التي هي دولة عربية كبرى قد وقعت السلام مع اسرائيل منذ سنوات واسرائيل تحاول منذ يوم التوقيع على السلام مع مصر، تحاول ان تتغلغل ثقافياً في مصر، ولنا من هذه التجربة ما يجعلنا نطمئن الى غدنا فلم تفلح اسرائيل قط في ان تدخل عقل المصري وقلب المصري ونفسه.

ومقاومة المصري للثقافة الصهيونية بل حتى للتعامل مع الشخص الاسرائيلي كانت واضحة، لم يتمكن الاسرائيلي الذي يستطيع ان يذهب الى مصر والتجول فيها، من ان يكوّن له علاقة ولو بسيطة مع مصري. وهذا امر هام للغاية، فثقافة المصري في داخله تحول دونه ودون ان يبدأ التعامل او التفاعل مع الصهيوني أي مع هوية اخرى نحن هنا في الشرق مهد المسيحية والاسلامية لا زلنا متمسكين بقيمنا الدينية اكانت مسيحية ام اسلامية وهذه القيم الدينية اراها تكون سياجاً قوياً لنا يقف في وجه امكانية تغلغل الثقافة الصهيونية في داخلنا، من هنا اذاً علينا ان نقوي هذا السياج وان نرفعه وان نتمسك بقيمنا المسيحية والاسلامية وهي مشتركة في كثير من الامور الاساسية والجوهرية، الصهيونية العالمية رسمت لها وحددت لها اهدافاً طبعاً هدفها الاخير هي ان تحكم العالم، كيف لها ان تحكم العالم وهناك قيم مسيحية واسلامية لا تزال فاعلة فينا. بدأت في الغرب، ادخلت الفلسفة المادية ووصلت بها الى الاباحية، وتمكنت بذلك من تفريغ المجتمع الغربي من القيم المسيحية، وما نشاهده الآن في الغرب هو برأيي نتيجة للتفريغ التي تمكنت الصهيونية العالمية من خلال اموالها ووسائل الاعلام الذي تملكه، المرئي وغير المرئي، تمكنت من ان تجري تغيراً في عقلية وفي مفهوم الغربي للاخلاق وللقيم وبذلك تمكنت من ان تسيطر، نلاحظ ان هذه السيطرة في الولايات المتحدة اكثر بكثير من دول اوروبا فالولايات المتحدة التي زارها العديد منكم والذي اكتشف ان الشعب الاميركي البعيد عن المدن متعطش للقيم المعنوية ويفتش عن الديانات، وصادف ان مررت في ولاية جورجيا فقيل لي ان في ولاية جورجيا ما يزيد على360 كنيسة مسيحية، كلُّ كنيسة لها ديانتها إنّ صح التعبير.

مجتمع كهذا اي المجتمع الاميركي من السهل على الصهيونية وهي التي لا تقوم بعمل الا بعد ان تخطط له بإتقان وروية، من يقرأ بروتوكولات حكماء صهيون يستطيع ان يكتشف الدهاء الصهيوني الذي جعلهم مستمرين واقوياء في عالم لا يحمل في قلبه حباً واحتراماً لليهود قبل ان يحملها للصهيونية.

اذاً يجب علينا ان نقوي سياج القيم المسيحية والاسلام في نفوسنا وان نعممها، فهذا ما سوف يحفظنا مستقبلاً من تغلغل الثقافة الصهيونية في ثقافتنا العربية ولنا من التجارب التي نعيش سواء في فلسطين خلال حماس او خلال المقاومة الاسلامية في لبنان ما يؤكد ما ذهبت اليه.

انا لست محاضراً وانما اردت ان ادخل بمقدمة لأفسح المجال امام محاضرين من عيار كبير.

أبدأ بالدكتور مجدي حماد هذا الشاب المتوسط السن في نظري الا انه الكبير في مخزون عقله، ولد عام 1947 تدرج في العلم حتى حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية وبعد ذلك بدأ عمله في الوظائف التي تمس الاستراتيجيات والثقافات إلى ما هنالك، فكان باحثاً في العلاقات الثقافية الخارجية في وزارة الثقافة في مصر 1972 – 1975 ثم خبيراً في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الاهرام على مدى سبع سنوات حتى 1983 إلى ان اصبح دبلوماسياً في جامعة الدول العربية، وفي امانتها العامة وفي هذه الجامعة اخذ يشق طريقه صعوداً حتى اصبح المعاون لمدير عام مركز الدراسات الوحدة العربية 1998 د. حماد له نشاط اكاديمي معروف فقد كتب مؤلفات عديدة.
- العسكريون العرب وقضية الوحدة عام 1987، اسرائيل وافريقيا 1986.
- صراع القوى الكبرى في افريقيا 1977 النظام السياسي الاستيطاني 1981، ثورة 22 يوليو، الخ...
كذلك كتب عن جامعة الدول العربية في واقعها وطموحها عام 1983 والعرب وافريقيا 1984، وآلية التكامل الاقتصادي العربي 1996، نحو تأسيس نظام عربي جديد 1993 إلى جانب دراسات ومقالات عديدة نشرت في كبرى المجلات السياسية العربية والدولية ويقضي د. حماد معظم اوقاته في القاء الندوات والمحاضرات ونحن اليوم سعداء لان يكون بيننا وان يتحفنا بما عنده حول الموضوع الذي كلف به.