اليوم الثاني - الجلسة السادسة
اختلاف ... وصولاً للإئتلاف
الدكتور محمد علي الشهرستاني
السادة الكرام
إن هذه الندوة قراءات في البعد الثقافي للإمام موسى الصدر، أما وقد حضرت هذه الندوة من صباح هذا اليوم وسمعت القليل عن الإمام الصدر، مع أن الندوة مخصصة للأبعاد الثقافية عند الإمام موسى الصدر، فلهذا استميحكم عذراً وأتطفل على المحدثين في أن أتكلم بعض الدقائق عن معلوماتي عن البعد الثقافي للإمام موسى الصدر.
البعد الثقافي عند الإمام الصدر هو حجر الأساس في التجديد والتطوير وهذا ينطلق من الآية الكريمة: ﴿إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ إذاً التغيّير يجب أن يكون من الناس أنفسهم والتغيير لا شك يجب أن يكون من البعد الثقافي وهذا متفق عليه. وموضوعية الحركة عند الإمام الصدر عبارة عن البعد الثقافي أو النشاط الثقافي، أما الكيفية، أشار زميلي دكتور جميل قاسم صباح هذا اليوم إلى الحديث الشريف: "اختلاف أمتي رحمة"، وتكلم عن الآراء الفلسفية والعقائدية حول هذا الموضوع، أحب أن أوضح هنا أن هذا الحديث، حديث مهم يجب توضيحه وبيان واقع أمره في الاحتجاج للطبرسي عن الإمام الصادق جاء أحدهم الى الإمام الصادق وقال له إن هؤلاء يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اختلاف أمتي رحمة فقال: نعم وهو هكذا.
فأجاب الصحابي قال: "إذاً إتفاق أمتي نقمة" قال: ويحك وويح هؤلاء لمَ لمْ يفهموا المقصود من هذا فقال الإمام عليه السلام: اختلاف أمتي رحمة كاختلاف الليل والنهار أي الرواح والمجيء أي الذهاب والإياب وأستشهدَ بالآية الكريمة ﴿فلولا نفرَ من كل فرقة طائفة ليتفقهوا بالدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا﴾.
ولكن الإختلاف، اختلاف أمر اجمالي الى العادات والى الصراعات الموجودة، فإذا الإختلاف لم يكن معنا، هذا الاختلاف إنمّا استفاد الإمام موسى الصدر من أستاذه الإمام الصادق وسار نفس المسيرة ولهذا اهتمّ بالجذور الثقافية وبالأصول الثقافية وحاول التحرك من مكان الى مكان، من دير الى مسجد ومن معبد الى معبد آخر.
ترون أنّ هذا الاختلاف هذا التلاحم هو سبب الألفة والوفاق في الأمور الثقافية خاصة، لأن صاحب الرأي يبدي رأيه يبيّن بيانه، وكما لاحظتم الآن الوزير ميشال اده أثنى على كلام سماحة الصابونجي وقال: اطلعتُ على أشياء وعلى أبعاد جديدة، مع أنه يعرف كثيراً عن الإسلام. إذاً التعددية غير الاختلاف.
أما الكيفية الثانية التي سار عليها الإمام موسى الصدر، توحيد الكلمة لأننا نعرف الآية الكريمة ﴿قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلاّ الله﴾ التوحيد، التوحيد والتوحيد فكانت كلمة سواء، هي السياسة المتبعة عند الإمام الصدر.
والموضوع الآخر الذي اهتم به وهذا جديرٌ بالاهتمام هو تغيير المفهوم السائد عند الجميع أو بالأحرى المفهوم الذي ألقاه الغرب على الشرق. فالغرب اعتبر نفسه هو الفاعل، إذاً كلما قال شيئاً يجب على الشرقي أن ينفذ ويعمل به، أراد الإمام الصدر أن يغيّر هذا المفهوم، كيف يغيّر هذا المفهوم، بإدعاءٍ؟ بشعارات؟ كلا إنما انتهج سبيلاً آخر هو تأسيس المراكز الثقافية ولهذا بنى المدرسة الدينية أسس معهد جبل عامل الفني، وأسس مدرسة مدينة الزهراء وأسس معاهد ومدارس متعددة أخرى والى جانب ذلك حاول بكل قواه أن يرسل البعثات الى الخارج للتثقيف، لهذا الطبقة المتقدمة تذهب الى الخارج للحصول على الثقافة المتقدمة والطبقة المبتدئة تدخل هذه المدارس للدراسة.
وهكذا غيّر المعالم في الثقافة الجنوبية بالذات وخاصة عند الشيعة لهذا نرى ان الاسرائيلين حينما اطلعوا على حقيقة الامر وسلامة الخطة، وعرفوا على ان هذه الخطة سوف تترك اثاراً سلبية عليهم لذلك خططوا للقضاء على المعالم الثقافية وعلى النهج الثقافي الذي رسمه الامام الصدر وبهذا اتحدث واقول، وقلت مراراً وتكراراً حتى في لندن وفي مؤتمر دولي، ان الاجتياح الاسرائيلي كان للقضاء على منهاج الامام موسى الصدر الثقافي، ودليلي على ذلك، تهديم المعاهد الثقافية، المدرسة الدينية، مدينة الزهراء، هذه المعاهد معاهد ثقافية ولم تكن اماكن عسكرية، لماذا هدموها؟ ارادوا ان يقضوا على التربية الثقافية للامام الصدر كي يتشرد الطلاب وبعد ذلك ينتقلوا الى مدارس اخرى او العمل خطوة خطوة وكان لي شرف العمل مع السيدة رباب الصدر التي تصدت السيدة رباب لهذا الامر وفي مدة اقصاها ثلاثة اشهر تمكنت من تأسيس مدرسة جديدة لايواء واحتضان جميع الطالبات من المبرة الى التمريض الى المهنية. ولكنهم بالقبضة الحديدية قضوا على هذه المعالم وعلى هذه المدرسة، وحرقوها وهدموها فانتقلت الى المجمع الثقافي الذي ترون معالمه في صور وهو مجمع على مساحة 30 ألف مترمربع وفيه وحدات كثيرة. احببت ان اشير للبعد الثقافي للإمام الصدر والسلام عليكم.