ولد الإمام الصدر في الرابع من حزيران 1928م في قم المقدسة لعائلة من أصل لبناني(1). تابع تحصيله العلمي في مدارس ايران وجامعاتها وتخرج مجازًا في الاقتصاد السياسي من جامعة طهران في الوقت الذي كان يتابع فيه دراسة دينية في حوزاتها العلمية. شارك في تأسيس مجلة شهرية «مكتب اسلام»، ما زالت تصدر حتى الآن، وتولى رئاسة تحريرها ونشر فيها العديد من الأبحاث(2). كما أنشأ مع آخرين مؤسسات تعليمية ما قبل جامعية، أدارها ودرّس فيها.
انتقل إلى العراق لمزيد من التحصيل العلمي باحثًا ومحاضرًا في جامعاتها ومنتدياتها الثقافية وحط به الرحال في لبنان سنة 1959م كمرشد لإحدى مدن الساحل اللبناني صور.
في صور ـ لبنان لم يقتصر عمل الإمام الصدر على الرعاية الدينية بل تجاوزها ليشمل الخدمة العامة ببعدها التنموي المعاصر، وذلك ايمانًا منه بأهمية الإنسان، حريته وكرامته وبتنمية أبعاد شخصيته ليتكامل ويرتقي.
عمل على إنشاء مؤسسات عامة تعنى بالشؤون التربوية، المهنية، الصحية والاجتماعية. فكان من القلة السبّاقين للعمل على مستوى لبنان كله بمدنه وقراه زائرًا مناطق الحرمان، معايشًا إنسانها وهمومه، مُنشأً علاقات مع تجمعاته، محاضرًا في الكنائس والجوامع والجامعات والأندية، داعيًا إلى نبذ الطائفية والعنصرية (الأديان واحدة في البدء والهدف ,والمسير) (3) ومكافحة الآفات الاجتماعية واحترام الإنسان وحرياته (الحرية أم الطاقات) وتنمية مواهبه وكفاءاته، مُحثًا على التفاعل بين الجماعات والثقافات والحضارات، مما أكسب سعيه وحركته شعبية تجاوزت نطاق طائفته وشملت رموزًا وشخصيات سياسية وفكرية ودينية متعددة الانتماءات والولاءات. واعتبر برأي الكثيرين رمزًا من رموز الوحدة الوطنية، ومن السبّاقين في إطلاق موضوع الحوار الاسلامي ـ المسيحي والعاملين على تهيئة الظروف المناسبة لإنجاحه.
شارك الامام الصدر في «الحركة الاجتماعية» مع المطران غريغوار حداد في عشرات المشاريع الاجتماعية. وساهم في العديد من الجمعيات الخيرية والثقافية. أعاد تنظيم «جمعية البر والاحسان» في صور وتولى نظارتها العامة، وجمع لها تبرعات ومساعدات أنشأ بها مؤسسة اجتماعية لإيواء وتعليم الأيتام وذوي الحالات الاجتماعية الصعبة، ثم أنشأ مدرسة فنية عالية باسم «مدرسة جبل عامل المهنية»، وأنشأ مدرسة فنية عالية للتمريض وكذلك مدرسة داخلية خاصة للبنات باسم «بيت الفتاة». كما أنشأ في صور «معهد الدراسات الاسلامية»، وعمل على تأسيس جمعية «كشافة الرسالة الاسلامية».
عمل جاهدًا على وقف الحرب الأهلية في لبنان (فالسلاح لا يبني الأوطان ولا الانسان) بمبادراته ومواقفه ونداءاته الرائدة والتي توّجها باعتصام استمر لأيام خمسة احتجاجًا على استمرار الحرب. ووقف بشدة في وجه استغلال السياسيين للدين وضد فرض الاصلاحات الاجتماعية والسياسية بواسطة السلاح، فهذه لا يمكن تحقيقها إلا بالحوار والتعقل. أكد أن لبنان ضرورة حضارية للعالم وأن التعايش اللبناني هو ميزة لبنان ورسالته (ثروة يجب التمسك بها) وأساس للتواصل الحضاري بين شعوب المنطقة.
سافر الإمام الصدر إلى بلدان عدة عربية وافريقية وأوروبية(4)، وشارك في مؤتمرات عديدة في العالم العربي كما في أوروبا (جامعة ستراسبورغ في فرنسا 1968م; مؤتمر السلام في باريس 1974م). اتصل والتقى بشخصيات عالمية (حضر حفل تتويج البابا 1963م ـ ليبولد سنغور ـ اللورد كارادون، جاك شيراك، عبد الناصر وغيرهم)، كما كتب في كثير من الصحف العربية والايرانية والاوروبية(5).
وصل الامام واخويه إلى طرابلس الغرب (ليبيا)، بدعوة رسمية من سلطاتها، في 25 آب 1978م واخفوه فيها.
الامام السيد موسى الصدر متزوج منذ سنة 1955م وله أربعة أولاد.
______________________
(1) حول سيرة الإمام الصدر انظر: الإمام السيد موسى الصدر: محطات تاريخية، ط2، إعداد حسين شرف الدين، مركز الامام الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، 2002.
(2) انظر: ابحاث في الاقتصاد، ط2، مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، 2007.
(3) انظر: أبجدية الحوار، ط2، مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، 2007 ص 165.
(4) انظر: حوارات صحفية: تأسيساً لمجتمع مقاوم، ط2، مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، بيروت، 2007، ج1.
(5) منها Le Croix، Le monde.
مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات
بيروت 31 آب 2009م