المقدمة

الرئيسية إصدارات الإمام (كتب / كتيبات) الاسلام وكرامة الانسان

في مقدمة دراستنا حول كرامة الإنسان في الإسلام، وهو موضوع يشكل زاوية مهمة في رأي الإسلام ونظرته إلى الإنسان، لا بد أن نعرض عرضًا موجزًا نتائج هذا المبدأ، وتأثيره البالغ في تحقيق الهدف من الرسالة.
فالخطوة الأولى في طريق تربية الإنسان ورفع مستواه في جميع حقول التكامل، هي في جعله يشعر بكرامته، ويهتم بشؤون نفسه، وإلا فسوف لا يولي نفسه أي اهتمام، ولا يبذل لإصلاح وضعه أي نشاط، مهملًا حاضره ومستقبله وحتى ماضيه. فنفقد في هذه الحالة إمكانية إقناعه بالسعي والعمل، وإمكانية التأثير عليه في دعوته لتحسين أموره وأوضاعه، والتحرك نحو الأفضل، ويبقى خاملًا جامدًا لامباليًا، مفضلًا استمراره في وضعه، على تحمل عناء الحركة وأعباء السعي والنشاط.
نحن لا ننكر أن حب الإنسان لنفسه غريزة ثابتة فيه تفرض عليه الدفاع عنها والسعي لجلب الخير لها. ولكن نقول أن هذه الغريزة تبقى نشيطة حسب مستوى الوعي البشري، فتعمل للخير الذي تجده متناسبًا معها وتصد ما تعتبره منافيًا لها.
فحب النفس هو القوة الدافعة للإنسان، ولكن الشعور بالكرامة فقط يحدد مقام الإنسان، ويرسم الخطوط العريضة لسيره، وتعيين أهدافه السامية، ويميز الخصوم وطريقة الدفاع.
ولا ننكر أيضًا، إمكان رفع مستوى الحياة الإنسانية بطريقة الضغط، وبفرض السعي والعمل، ولكننا نعتقد أن هذه الطريقة، ليست هي المفضلة لتكامل الإنسان، بل فيها من النتائج السلبية والعقد النفسية، والنقص في النتائج وبقاء المسؤوليات على عاتق الأفراد دون الجماعات، ما يفرض الإعراض عن هذا الأسلوب. فلنترك هذا البحث الذي هو من اختصاص علماء النفس التربويين، ولندخل في دراستنا عن: الإسلام وكرامة الإنسان.
__________________
* أُلقيت في الجامعة الأميركية بتاريخ 8/2/1967.