المقدمة:

الرئيسية إصدارات الإمام (كتب / كتيبات) موسى الصدر والخطاب الإنساني

بسمه تعالى

الإنسان الفرد، والإنسان الجماعة والمجتمع، الإنسان الثقافة والتربية والعلم، الرجل والمرأة والأسرة، المحروم والعامل والمقاوم، الأرض والوطن والكون وغير هذا كان شأن الإمام الصدر الذي جاء إلى لبنان لأجله، ليبني الإنسان النموذج الذي يريده للعرب والمسلمين والعالم. وقد تفرغ له في حركته الإجتماعية، لأن الإنسان موضوع كل حركة عقلية في تحوله وتطوره وارتقائه.. في تفاعلاته الخارجية وتأثراته وتأثيراته، في وظائف أعضائه الداخلية، في مؤسساته وظواهره الاجتماعية، في كنه ذاته ونفسه، إنه ذو الأبعاد المتعددة الذي شغل كل بُعد منه فكر الباحثين والعلماء على مدى التاريخ، كما هو موضوع الوجود والخلق.
إنسان الإمام الصدر النموذج يُبنى على أركان أربعة لا فكاك منها، وفقدان أي ركن يفقد البعد الإنسانية في الانسان.

أولًا: الإنسان الموجود العيني الذي يختلف عن الموجودات العينية بحرية الاختيار، يعني أن أفعاله تصدر عن تأمل وإرادة، ولو بصورة نسبية.
ثانيًا: الإنسان المتأثر، إلى حد كبير ـ بالطبيعة وبالموجودات الكونية المحيطة به.
ثالثًا: الموجود الاجتماعي المتفاعل تلقائيًا مع بني نوعه إلى أقصى الحدود.
رابعًا: إنه في الأساس، مخلوق لله خالق الكون والحياة بما لهذه العلاقة من أبعاد وتأثيرات عليه بالذات وعلى علاقاته.


هذا هو إنسان الإمام الصدر المتفاعل والمنفعل بكل ما حوله، المتعاون والمتكامل مع مجتمعه.
إنسان الإمام الصدر يتحرك في ميادين ثلاثة:
1 ـ الغيبية: وهي الإيمان بالحق المطلق، والتوجه إليه في كل سعي، ونشاط وعمل تحريرًا للذات من أن تتوجه بإيمانها إلى موجودات لإثبات لها.
2 ـ الكونية: وهي الموجودات ضمن ما ينطوي عليه تحديد السماوات السبع والأراضين السبع، وهي لا حدود معلومة لها، كما لا حدود للمدى الذي سيتوصل فيه الإنسان لاكتشاف ما فيه.
3 ـ العالمية: وهي الدائرة التي يمتلك الإنسان قدرات التحرك والتفاعل خلالها، وبالخصوص في دائرته الحيوية التي تمكن الفرد من التحرك بقدراته الذاتية والمحيط المستوعب لهذه القدرات.
هذا هو إنسان الإمام السيد موسى الصدر، وهو «الذي كانت من أجله الأديان» تلك التي كانت «واحدة حيث كانت في خدمة الهدف الواحد، دعوة إلى الله وخدمة للإنسان، وهما وجهان لحقيقة واحدة»، وعلى هذا «الإنسان أساس الوجود وبداية المجتمع والغاية منه والمحرك للتاريخ»، وكان في تنظيم العلاقات بين الإنسان والعالم وبين الإنسان والكون الذي يعيش فيه.
ومن مضامين كل المفاهيم كان تركيزه على إنسان لبنان ليكون نموذجًا للإنسان في كل مكان، وذلك لأنه يرى في لبنان الذي دفع أثمانًا باهظة، يراه بعد المحنة لبنان اللاطائفي، لبنان الكفاية في الفرص والمساواة في العدالة، لبنان المتطور الشجاع المبادر المؤمن الملتزم بالقيم، لبنان ورشة عمران وبناء وطاولة حوار وتطوير.

ليحقق هذا المستقبل لبنان، سافر على مدى الجهات الأربع، لتكون سفرته إلى ليبيا آخر محطة لضمان الاستقرار اللبناني، ورفع اليد الخارجية عنه، فكان انقطاع أخباره، وانقطاع أية محاولة جدية ليعود لبنان الحلم الصدري.

مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات