مناقشات اليوم الأول / الجلسة الأولى

الرئيسية إصدارات كلمة سواء مؤتمر "كلمة سواء" الثاني:، الاسرة واقع ومرتجى

س: لبنى رضى.
أشار سماحة السيد حسن الأمين إلى نقص بالتشريع بالنسبة لتعدد الزوجات فما هو الحل؟
ج
: الإشارة لم تكن إلى نقص في التشريع. فأنا قلت ان تعدد الزوجات بالنسبة للرجل هي من الامور التي أباحتها الشريعة الإسلامية مبدئياً. ولكن هذه الإباحة لا تعني ان تعدد الزوجات هو القاعدة والأصل في المجتمع الإسلامي. وبالتالي فإن بإمكان المؤسسات التشريعية والقضائية في المجتمع أن تحد من هذا المباح وقد تحرمه أيضاً، وذلك بأن تأخذ قرار منع بشأنه لو كان هذا ما تتطلبه سلامة المجتمع والأسرة، وذلك أن الجهات التشريعية هنا عندما تحد من إباحة تعدد الزوجات، او تمنعها في بعض الأوقات، وهي لا تمنع إلا شيئاً مباحاً، والمباح غير واجب لن يأتي به المكلف. وقلت ان البنية التشريعية فيما يتعلق بالأحوال الشخصية عموماً، وفي موضوع الأسرة بشكل خاص هي بنية فقيرة في لبنان، وفي الكثير من بلدان العالم الإسلامي، لأنه لم يجر تطويرها بما يتناسب مع متطلبات تطوير الأسرة والحفاظ عليها والإستجابة لحقوق المرأة في هذه الأسرة.

س: السيد محمد حسين الأمين، كيف ترون التوفيق بين خروج المرأة إلى العمل وبين تربيتها لأولادها في المنزل؟
ج:
هذا الموضوع يبحث من جوانب كثيرة، ولكن لا شك ان من حق المرأة ان يكون لها عملها، وبالتالي فإن تربية الأطفال هي أحد الأعمال الهامة والأساسية والمشرفة التي تقوم بها المرأة، ولكن يجب التمييز بين ان تربية الأطفال هي من الأعمال المشرفة للمرأة، وبين الواجبات التي تمليها الشريعة الإسلامية على المرأة.
الواجب لا يملى على المرأة ان تقوم بمهمة التربية، ومهمة التربية مشتركة بين الرجل والمرأة. فعمل المرأة في الخارج قد لا يحول دون القيام بهذه المهمة، وخصوصاً في مجتمع تتم فيه مراعاة الأم العاملة، وبالتالي تقدم فرص العمل التي تتناسب مع هذه المهمة. لأن القول بإلغاء دور المرأة وحقها في العمل في الخارج بما يحصن وجودها وشخصيتها، طل ذلك لحساب تربية الأطفال، هذا قول قد ينتقص من حقوق المرأة، كما هي في منظومة الشرع الإسلامي، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق الدعوة لتخلي المرأة عن مهمة تربية الأطفال بما هي مهمة سامية.

س: السيد محمد حسن الأمين في أواخر الستينات سئل الإمام السيد موسى الصدر عن رأيه في منع السلطات التونسية لتعدد الزوجات. وكان رأيه هو رفض قرار الحكومة التونسية، ولكنه تابع بالقول على وجوب ان يكون للمحاكم الشرعية دور أكبر في تنظيم عملية تعدد الزوجات، وفي ذلك الوقت لم يستطع تنفيذ رغبته بسبب التجاذبات السياسية الفقهية، فما المانع من تحقيق عملية المحاكم الشرعية لتعدد الزوجات؟
ج:
أنا لا أشك، لو أن الإمام الصدر كان حاضراً لكان على رأسي المنادين والفاعلين لتطوير البنية القضائية التي نخضع إليها كمسلمين في لبنان وفي الكثير من مداخلاته ما يوحي بهذه الرؤية التي نظن ان ثمة العديد من العوامل يجبان تتوفر لكي نحققها.
ونحن شخصياً من المعنيين فعلاً بالدعوة إلى قيام مؤتمر ليتناول هذه المسألة والأبعاد والمجالات الحيوية، التي يجب النظر فيها في مجال الأحوال الشخصية بصورة عامة، وفي مجال الحقوق المتبادلة بين الزوجين بصورة خاصة. ولكن الأمر ليس من السهولة بالدرجة التي نتخيلها، إنما أجد أنه من الضرورة ان لا تستمر أحكامنا الشرعية على ما هي عليه.

س: كيف توفق الشريعة الإسلامية بين الاستقلالية المالية للمرأة وبين استطاعة الزوج منعها من الخروج؟
ج:
من الأمور الشائعة ان القوامة للرجل على المرأة تتضمن مصادرة حرية المرأة في العمل والخروج والتجارة. في الواقع إن العقد الذي يربط بين الزوجين يعطي الزوج ان يمارس الجوانب التي تحقق رغبته بالزواج، والخروج من المنزل ليس من الأمور التي يملك الزوج فيها حق منع الزوجة.
لكن عندما ندعو إلى تطوير التشريعات التي تتناول الجوانب المتعلقة بالعلاقة الزوجية والأسرية، فنحن نريد لفت النظر إلى ان العقد الزوجي هو كسائر العقود. أي هو شريعة المتعاقدين. فلماذا لا يكون العقد الزوجي مرفقاً بجدول من الشروط المتبادلة بين الزوجين، بحيث تغدو الحياة الزوجية مقيدة بهذه الشروط التي منها قد يكون حق الزوجة في العمل، او مثلاً في تطليق نفسها أحياناً او ان تشترط مثلاً حقها في نصف الثروة التي يتم إنتاجها عندما يعمل الرجل في الخارج والمرأة في المنزل، وإلى ما هنالك من شروط لا تمنع الشريعة الإسلامية من إدخالها.
اما كون الذمة المالية المستقلة للمرأة فهذا من الحقوق الطبيعية التي تثبتها الشريعة الإسلامية للمرأة، وليس هناك أي خلاف او إشكال بشأنه.

س: في الآية الكريمة الرجال قوامون على النساء، يظهر إمتياز الرجل عن المرأة فلماذا أعطي هذا الامتياز للرجل؟
ج:
القوامة هنا ليست إمتيازاُ إنما هي تحديد وظيفة للرجل داخل الأسرة.
البعض يظن ان هذه الآية تعني ان الرجال قوامون على النساء في المجتمع والشؤون السياسية والاقتصادية وهذا غير صحيح. لأن الآية تتحدث عن الرجال بما هم أزواج قوامون على النساء الزوجات.
اذاً للقوامة حدودها التي تجعل منها مجرد وظيفة إدارية للرجل، فهو مدير الأسرة، وهذه الوظيفة هي مسؤولية وليست امتيازاً. وهذه الإدارة ناتجة عن واجب النفقة التي يحملها الزوج. فالخالق خلق الرجل والمرأة من نفس واحدة وبالتالي فلا تمايز بين هذين الكائنين في طبيعتهما "يا أيها الناس إنما خلقناكم من ذكر وأنثى و... مما يعني ان الفكرة التي تقول ان المرأة من طبيعة مختلفة عن طبيعة الرجل فكرة لا دخل لها بالإسلام.

س: من المعروف بأن الأسرة الصالحة ترعى الفرد الصالح وتحميه من المفاسد، ولكن في ظل ما نشهده اليوم من هجوم ثقافي وإعلامي، وتكاثر البطالة وحالات الفقر والعوز، ما هي الوسائل التي تحمي هذه الأسرة من الانحراف في ظل ما ذكرناه؟
ج:
أنا أعتقد أنه لا يوجد عندنا مشكلة تتعلق بالأسرة بما هي أسرة. إنما عندنا مشكلة تتعلق بالمجتمع والثقافة والسياسة، ونحن نعاني من مشكلة تخلف، وهي مشكلات تطال الرجل والمرأة على حد سواء، وبالتالي فإن إعطاء الانطباع بأن في المجتمع الإسلامي، او المجتمع اللبناني، يوجد فيه قضايا للمرأة وأخرى للرجل هو محاولة لتغييب الصورة الفعلية للمجتمع، فنحن مجتمع منقوص الحقوق، يشكو من المصادرة والمصادرة المتبادلة، ومجتمع تنعكس مشكلاته الاقتصادية والسياسية على كل تشكيلاته ومستوياته ومنها موضوع الأسرة، الا ان الشرقيين يملكون في موضوع الأسرة مفاهيم راسخة تساعدنا على تجنيب الأسرة عوامل التفكك والانهيار التي تصيب مؤسسة الأسرة في الغرب، وتمكننا من أن تكون الأسرة أكثر سلامة من بقية المؤسسات التي يقوم عليها المجتمع.
فعلينا إذاً ن نذكر ونستحضر القيم والمفاهيم والمبادئ الشرعية، الإسلامية والمسيحية، حتى نستطيع صيانة هذه الأسرة، خصوصاً أمام الثقافة الهاجمة التي تصادر حقنا في الاختيار، وهذا الإعلام الذي يصادرنا ويبتزنا ويرسم لنا مسارات سلوكنا.

س: الأب أنطوان سعد عل في الدين المسيحي يحق للزوج منع الزوجة من الخروج إلى العمل وما رأي الكنيسة بعمل المرأة؟
ج:
الزواج في الديانة المسيحية هو توافق وسر ووجودهم في الكنيسة للزواج كما هو الا إعلانهم لموافقتهم على الزواج. ولكن من خلال الأسرة يتفاهم المرأة والرجل على هذا الموضوع، وبرأيي صحيح ان الظروف الاقتصادية تجبر المرأة أحياناً على العمل، ولكن أحياناً أخرى يكون هذا العمل على حساب تربية الأولاد وتعليمهم.

س: لماذا من السهل على الرجل المسلم لأن يطلق زوجته غيابياً، ودون أخذ رأيها، وربما وهي تجلس في البيت آمنة تصلها ورقة الطلاق، والدين المسيحي يصعب الطلاق لدرجة كبيرة، الا يمكننا ان نجد حلاً وسطاً للحفاظ على الأسرة وكيان المرأة؟
ج:
السيد محمد حسن الأمين ليس بهذه السهولة تجري عملية الطلاق في الإسلام فهي معقدة أيضاً، ولكن يجب الاعتراف بأن للرجل حق الطلاق ولنشرح ذلك يتطلب وقتاً طويلاً.
الأب أنطوان سعد: في المسيحية لا يوجد طلاق، ولكن في الكثير من الأحيان يتم فسخ الزواج، والقانونيون يعتبرون هذا الأمر ثغرة في موضوع الزواج ولكنه الحل لتخليص عائلة ما من جحيم تعيش فيه.