اختتم مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات أعمال مؤتمره الثاني للعام 1997، والذي أقيم في فندق الكومودور – بيروت لمدة يومين متتالين 4 و5 تشرين الثاني 1997م. الموافق في 4و5 رجب 1418 هـ.
عقد المؤتمر تحت عنوان "الأسرة: واقع مرتجى"، وذلك من وجي فكر الإمام السيد موسى الصدر ونهجه.
الإمام الصدر الذي كان همه الأول الإنسان، إذ حيث تناوله في كل موضوعاته وأبحاثه وممارسته، معتبراً ان الأسرة هي النواة الأساس في المجتمع الإنساني الأكبر.
قد شارك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أصحاب السماح-ة والسيادة والفضيلة رؤساء الطوائف اللبنانية كافة والموفد البابوي في لبنان، بالإضافة إلى عدد كبير من الباحثين والمهتمين بالشؤون التربوية والاجتماعية والعاملين في الساحة الثقافية العامة.
- توزعت أعمال المؤتمر على ست جلسات لمدة يومين متتاليين، قدمت فيها الكثير من الأبحاث والدراسات التي تعالج شأن الأسرة من نواحيها كافة. ساهم في عرضها حشد من الباحثين والمحققين في شؤون الأسرة في لبنان وإيران وأوروبا.
- سلطت الأبحاث الأضواء على مفهوم واقع الأسرة ومرتجاها، وتناولت ماهية العائلة ودورها وقيمتها الأساسية في بناء الإنسان والمجتمعات والأوطان، وذلك على هدي من الأنوار والتعاليم السماوية.
- وأكد المؤتمر على ضرورات الحوار بين الحضارات والثقافات من أجل الرقي بمستوى التفاهم بين المجتمعات، حيث أضحى التعايش او التواصل الفكري بين المذاهب والأديان في مقدمة هذه الضرورات.
- ولاحظ المؤتمرون ان اختلاف القيم والمفاهيم والعادات والتقاليد وأساليب العيش وتطور البنى الاجتماعية، ولا سيما في المجتمعات الانتقالية، قد ساهم في تفويض استقرار الأسرة وأمنها الداخلي.
- ورأى المؤتمر ان الأسرة هي مشروع هندسي إلهي بشري متكامل، ينبغي على الجميع إعطاؤها قدرها المناسب لكونها مركز التحولات الاجتماعية على تطور العصور والأزمان.
- وتعرض المؤتمر للمخاطر الكبرى التي تهد العائلة، وركز على مهمة الأديان بعد إرساء العقيدة في عملية تكوين الأسرة التي تحق لإنسان النمو المعافى باتجاه العبادة على أساس إعمار الأرض وإصلاحها.
- ونبه المؤتمرون إلى خطورة المناخات السائدة في الوسائل الإعلامية والثقافية العامة، والتي تركز على ذكورية الرجل وأنوثة المرأة خارج نطاق الأسرة، واعتبرها تهديداً للقيم والأخلاق وخروجاً عن الأصول والضوابط الإنسانية.
هذا وبعد يومين من الأبحاث والمناقضات والمداخلات خرج المؤتمر بالتوصيات الآتية:
أ- العمل على نشر وتعميم أفكار الإمام السيد موسى الصدر ومنهجيته المنبثقة من الأديان السماوية والتعاليم القرآنية.
ب- أكد المؤتمر على وجوب انعقاد مثل هذا المؤتمر سنوياً لبحث المواضيع تعنى بالإنسان، ولا سيما ما يخص الأجيال الشابة.
ج- اعتبر المؤتمرون ان الأسرة هي مؤسسة إلهية انشأها الله تعالى ليستقيم بها المجتمع البشري، وخلصوا إلى ما يلي في ما يهم شأن الأسرة:
1- اعتماد قاعدة التشريع النابعة من التعاليم السماوية في تنظيمك مساحات العلاقة في حياة الإنسان بما يتصل بعقيدته وبعالمه الروحي.
2- استنكار ما تتعرض له الأسرة من انتهاك شديد يتولد عن السياسات الإعلامية التي يعانيها المجتمع البشري الراهن وآثارها السلبية المدمرة في بناء الأجيال الصالحة.
3- التأكيد على أهمية التعليم الديني في المدارس والمؤسسات ذات العلاقة بالتربية، باعتباره وثيق الصلة بتنمية الحياة الروحية عند الإنسان، والوثيق الصلة بتكوين الأسرة وديمومتها.
4- مناشدة الجهات المعنية والرسمية والأهلية كافة، على تشجيع الزواج المبكر وتيسير إنشاء الأسر الشابة. وفي الوقت ترشيد عملية الإنجاب داخل الأسرة بما يتوافق والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، بحيث لا يجوز ان يكون الإنجاب عائقاً أمام التبكير في سن الزواج.
5- التوجه إلى الحكومة والدولة والمؤسسات ذات الصلة معها لتيسير السياسة الإسكانية لأسر الشابة من أجل تطبيق سياسة الزواج المبكر، باعتبارها سياسة إنسانية تتصل بالعافية الروحية والاجتماعية للمجتمع.
6- جمع الحاضرون على ان المجتمع الإنساني ليس مجتمعاً ذكورياً، وأن السلطة في المجتمع ليست هي سلطة الأب او الأخ او الزوج؛ بل المجتمع هو مجتمع إنساني، السلطة فيه للعامل الإنساني الذي يلتقي فيه الرجل والمرأة خارج مساحة الذكر الخاصة وخارج مساحة الأنثى الخاصة "لأن القرآن يعتبر المرأة مثل الرجل في الحقيقة وفي الذات".
7- ثمن المؤتمر دور الأسرة اللبنانية بشكل خاص في مقاومة الظلم والعدوان نم جراء الاعتداءات الصهيونية الغاشمة، ونبه إلى الأخطار الجسيمة التي تتعرض لها من جراء التهجير والقتل والتشريد؛ ما يؤدي إلى تقويض أمنها واستقرارها وإنسانيتها.
وانتهى المؤتمرون إلى التأكيد على أن الإسلام والمسحية والأديان السماوية عموماً لعبت؛ وتلعب دوراً مركزياً في الحفاظ على بقاء الأسرة وتعزيز مكوناتها؛ ولكن ذلك لا يكفي لتطوير الأسرة وتحصينها، بل لا بد من قيام مؤسسات في الدولة والمجتمع الأهلي للمساهمة بإنجاح المهمة والمساعدة على تطوير واقع الأسرة وإصلاحه وإغنائه بالتشريعات اللازمة لتطورها بغية الحفاظ على عملية النشوء والصيرورة والمصير في ساحة المجتمع العامة، وساحة الإنسانية جمعاء.