باسمه تعالى
هذه الأوراق
بالقرآن أدّب "محمدًا" ربُّه، وبالقرآن بُعث "محمد" ليتمم مكارم الأخلاق، وإذ تُختم به صلوات الله عليه وآله رسالات ربه عز وعلا، فحسن الختام تأديبًا ومكارمًا.
هذه الأوراق تقارب جماليات هذا الختام، يلامس فيها الإمام السيد "موسى الصدر" بشفافية مواطن الأدب الرباني التي تأخذ بالنفس البشرية، - جسدًا وروحًا – إلى محجة المكارم.
فسبحان من أدّب، وصلوات وسلام على من تأدب، وكشف الله أمر من قارب جماليات هذا الأدب.
هذه الأوراق، جمعناها، كما سواها، وكأننا نلملم من الأثير أصداء ذبذبات، ونكشف من الصدور تلجلج كلمات، ونستنور من العيون بريق ومضات، إذ لم نترك شريط تسجيل أو صفحة في نشرة أو لقطة في آلة تصوير إلا وترفقنا في احتضانها داخل ملف توثيق، فاجتمع لدينا من المحاضرات والدروس والأحاديث والصور ما لا ندعي القول بأنها كل نتاجه، ونحن نعلم بأن أنسام القارات الخمس وصحفها وعدسات مصوريها قد التقطت ما يربو على أضعاف أضعاف ما بين أيدينا، ولكن ما يحق لنا ادعاؤه أننا نقدم نموذجًا هامًا من فكر الإمام "الصدر".
هذه المجموعة تتكون من كتابين، الأول محاضرات وأبحاث ودروس، منها ما كان في مؤتمرات إسلامية، ومنها ما كان في منتديات متعددة.
والثاني "أحاديث السحر" في رمضان بثتها الإذاعة اللبنانية بكلمات قصار ودقائق تضيق عن كل حرف من حروف حديثه.
هذه المجموعة، وما صدر قبلها وما يلحق بها، استغرق التدقيق فيها سنوات، فقد أُفرغت من مجموعة أشرطة تسجيل، وتم الإنصات إلى ما يزيد على العشرين مجموعة، ومنها مجموعة تسجيل أول، إستمع إلى الأشرطة كلها، إخوة وأخوات، كل بمفرده. وما لم يكن واضحًا عند أحدهم استفدنا بوضوح الآخر، وما لم تلتقطه أذن الأولى، التقطتها الأخرى؛ ومع كل هذا فاتنا بعض الكلمات فتركنا مكانًا فارغًا حتى لا يكون منا أي تدخل في أصل النص.
ولا يسعنا إلا أن نقدم لإخوتنا وأخواتنا ما يتخطى الشكر، ونرجو من الله تعالى أن ينعم عليهم ما بذلوه من جهد وما تعرضوا له من ضنى، كما نشكر كل من ساهم بتقديم مجموعة أشرطة أو صورة أو وثيقة ومن الله جزاء ما عملوا.
وإن حقَّ لنا أن نلفت النظر إلى مميزات منهج الإمام "الصدر" في تفسيره هذا، فهو مختص بالجانب التربوي الاجتماعي متوجهًا نحو الإنسان، دون أن يبتعد عن جوانب أخرى يقتضيها المقام، فكان يتعرض إلى الأدب واللغة والفلسفة وأسباب النزول والأحاديث والمأثورات والظرف الاجتماعي، مستعملًا غاية التبسيط مراعيًا الوصول إلى مختلف المستويات الذهنية حيث يجد العالم ما يشد فكره، ويثقف من لم يؤتَ من العلم إلا قليلًا.
نفع الله الأمة بعلم الإمام "الصدر" وحقق المرتجى بأمره.
مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات
