الوحدة الوطنية في فكر الإمام القائد السيد موسى الصدر

calendar icon 02 نيسان 2004 الكاتب:حسين الحاج

(دبلوم علاقات دولية ودبلوماسية)


انه السيد موسى الصدر، من جبل عامل، ابن النجف الاشرف سليل المرجعيات الشيعية - بين المجتهدين المناضلين والثوار، ابن الجرح والوجع الكربلائي، قدم لبنان وعى عمق التفاوت بين ابنائه ومناطقه، وقف على دقة توازناته ادرك دوره في تفاعل الحضارات والثقافات، فشق دربه النضالي حاملاً في يده وعقله وقلبه ولسانه قضية لبنان بأبعادها الاجتماعية والسياسية والحضارية، وعلم منذ البداية، انه لا وحدة وطنية في غياب العدالة الاجتماعية وفي وجود خلل في التوازنات السياسية وفي عدم الإعتراف بالآخر وجوداً حضارياً.

وهناك كلام مشهور للإمام القائد قاله في كنيسة الكبوشية "وانا جالس تحت الصليب، قلت كلاماً ينفع المسلمين والمسيحيين ويخدم وطناً هو للجميع فقد شاء الله وقدر على اللبنانيين ان يعيشوا معاً في كيان واحد، إذا دمر تفريق الطوائف جميعاً، ولا عاصم للبنان اليوم وإلى الأبد غير وحدته، وهكذا فقد عمل الإمام فور قدومه إلى لبنان، على ترسيخ قيم الوحدة الوطنية بين ابناء الشعب اللبناني، فمن اجل العدالة اسس حركة المحرومين، ومن اجل التوازن اسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ومن اجل التفاعل اسس لجنة الحوار الاسلامي - المسيحي، وعليه فإن مرتكزات الوحدة الوطنية عنده هي العدالة بين المواطنين، التوازن السياسي بين الطوائف، التفاعل بين الاديان والقيم الانسانية والثقافية والحضارية.

رؤيته للبنان - التاريخ، لبنان الإنسان، لبنان الحضارة تقوده إلى واحد من اثنين من مستوى فهمه للوحدة الوطنية: أولاً، هذه الألوان والمجموعات من الممكن ان تستغل كمنطلقات للتعاون ... كوسائل للتلاقي، للتعارف، لتبادل التجارب، وثانياً لتكوين حضارة إنسانية تصدر للعالم وتكون مهمة رسالية لهذا البلد، رسالة الشعوب هي ضمان وحدتها واستمرارها، ومن شروط الوحدة القائمة التفاعل بين الاسلام والمسيحية اي "وجود الاحترام المتبادل بين ابناء هذا البلد وعدم الشعور بالاستغناء عن الآخر، والوعي بالمسؤولية المشتركة في تأدية الرسالة، بمثل هذا الصفاء اللاهوتي والرقي الانساني والتهذيب الاخلاقي. نظر الإمام إلى الوحدة الوطنية، والخطر على هذه الوحدة يتمثل على حد تعبيره بالخطر الداخلي، خطر الانقسام والذي يحصل نتيجة التحقير وعدم الاحترام المتبادل واحتكار الوطنية وتصنيف الناس.

هذا هو فكر الإمام القائد الذي يربط ما بين السياسة واللاهوت بشفافية فكرية عليوية لا يلتقطها اصحاب المصالح الدنيوية، لبنان الرسالة الذي قال فيه البابا يوحنا بولس الثاني في ارشاده "لبنان أكثر من وطن، انه رسالة"، الارشاد الرسولي في نظرته إلى لبنان لم يكن بعيداً عن فكر الإمام وهو الذي يقول "ان الصعوبات التي تعترضنا هي اقل من ان تسلب رسالتنا الحضارية ومسؤوليتنا التاريخية ... ويا اسرائيل التي ارادت القضاء على تعايشنا المثالي، لكي لا نشكل بوجودنا خطراً عليك، اعلمي ايضاً قبلنا امانة الله وامانة الإنسان التي هي وحدتنا الوطنية قبلناها وحدنا بلاد الله كلها، وبذلك اصبحنا موضوع آمال العالم ومثالاً متجسداً للمستقبل ومساحة نموذجية لحضارته المستقبلية..."

خلاصة خلاصات لاهوته السياسي في اطار هذا المفهوم تختصر بالاتي: "لبناننا ارض الله والانسان، اذا سقطت تجربته، اظلمت الحضارة الانسانية، وعليه ان الوحدة الوطنية القائمة على تفاعل المسيحيين والمسلمين وتعايشهم هي امانة الله والانسان على يد اللبنانيين، وهي تالياً مسؤولية وواجب، لهذا يقول الإمام القائد: اننا نتمسك بوجودنا وبوحدتنا، ونحافظ عليها ونعمل على - هذا الكيان الذي هو امانة الحضارة العالمية". واخير أليس هو القائل بأن: "السلم الاهلي افضل وجوه الحرب ضد اسرائيل".
source