مسيرة قائـد

calendar icon 30 آب 2007 الكاتب:أحمد الزين

تطلّ علينا ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر هذه السنة، ولبنان والمنطقة العربية والعالم الاسلامي والعالم برمته يمرّ بفترة زمنية صعبة نتيجة ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية، وما تحيكه الصهيونية العالمية من مكائد في العالم. والسيد موسى الصدر كان عالماً كبيراً، وقائداً فذّاً، تآمر عليه العالم في ذلك الوقت المتمثّل بالولايات المتحدة الاميركية وبالصهيونية العالمية، من خلال عملاء وسياسيين تآمروا عليه. وكانت مؤامرة تغييبه حلقة بارزة من حلقات التآمر على لبنان. حيكت هذه المؤامرة التي استمرت أكثر من خمسة عشر عاماً حرباً أهلية بين الطوائف والاحزاب في لبنان. الإمام موسى الصدر كان قائداً فذّاً، كان تغييبه كما أشرت حلقة بارزة من حلقات المؤامرة على لبنان وعلى المنطقة. ولا بدّ من الإشارة وبخاصة في الايام الصعبة التي يمرّ بها لبنان إلى مواقف للإمام موسى الصدر قد نستفيد منها اليوم نحن في وطننا لبنان.
لبنان ليس للمسلمين وحدهم، ولا للمسيحيين، لبنان ليس للموارنة كما يظن البعض، ولا للسُّنة في بيروت وفي غير بيروت، ولا للشيعة في الجنوب وفي البقاع. لبنان لجميع أبنائه، لجميع طوائفه، للمواطنين اللبنانيين من الموارنة والسُّنة والشيعة والدروز وسائر الملل والنِّحل. استطاع الإمام موسى الصدر بإسلامه الحضاري والإنساني، بثقافته الراقية والمنفتحة، كما استطاع في انتمائه الوطني بلبنان الصادق والامين أن يؤثر في الفكر اللبناني في ذلك الوقت، وليس تأثراً فكرياً فقط، وإنما تأثيراً عملياً وإيجابياً من خلال علاقاته بسائر الطوائف والقيادات الدينية والسياسية والفكرية، ومن خلال المؤسسات التي بناها وأسسها، فكان الإمام موسى الصدر قائداً شيعياً إسلامياً لبنانياً إنسانياً وحضارياً راقياً. من أجل هذا استلزمت وتطلّبت المؤامرة التي كانت تُحاك على لبنان تغييب موسى الصدر ... بهذه الإطلالة الوطنية القوية وبهذا الفكر الإنساني الراقي، استلزمت أن يغيّب السيد موسى الصدر بواسطة عملاء لتستمر المؤامرة على لبنان كما هي الحال الآن التي نعيشها. ومن أبرز الاعمال التي قام بها الإمام موسى الصدر في إظهار فكره النيّر تجاوزاً للطائفية والمذهبية والحزبية أذكر مثلاً واحداً "هيئة نصرة الجنوب" التي ضمت رؤساء الطوائف في الجنوب من جميع المذاهب ومن جميع الطوائف في جمعية واحدة ترتقي وتطال المصلحة اللبنانية.
ضمّت يومها البطرك خريش قبل أن يصبح بطركاً والمطران اثناسيوس الشاعر والمطران يوسف الخوي والمطران بولس الخوري والمطران جورج حداد وقاضي المذهب الدرزي الشيخ نجيب قيس والقس وديع انطون ومفتي السنة الشيخ أنيس حمود. ضمت هؤلاء برئاسة السيد موسى الصدر تأكيداً لمعنى الوحدة الوطنية. بهذه الإطلالة الحضارية والإنسانية في لبنان يؤكد أنّ لبنان للجميع وليطل هذا الجميع بإطلالة لبنانية. لم يسمح في أن يطل اللبنانيون من خلال هذه الزوايا الضيقة.
أذكر وأكرر هذا المعنى لما له من قيمة يومها حين ذهبنا لزيارة رئيس الجمهورية الاستاذ شارل حلو في القصر الجمهوري استقبلنا بهذه العبارة وهو يرى في اطلالتنا المشايخ وقال إنني اعتزّ وأفتخر بأن نطلّ على العالم من خلالكم.
يرى العالم لبنان بإنسانيته وحضارته ووطنيته الصادقة، المعنى الوطني الكبير. فهل يدرك اللبنانيون اليوم وبخاصة تدرك القيادات السياسية هذا المعنى الوطني الذي يلتزم القيم الأخلاقية التي ورثناها في لبنان والتي حمل لواءها الإمام السيد موسى الصدر، هل يدرك اللبنانيون هذا ويكونون أمناء في انتمائهم الوطني وصادقين في سياستهم وان تكون السياسة متخلّقة بأخلاق القيم الحضارية الصحيحة؟ إننا بحاجة اليوم لفكر الإمام موسى الصدر وبحاجة لهذه الإطلالة الحضارية التي تجاوزت المذاهب والعصبيات والحزبيات.

source