مسيرة قائد

calendar icon 30 آب 2007 الكاتب:عبد الأمير قبلان

بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. الحديث عن الامام السيد موسى الصدر ذا شجون وشؤون. عايشناه فترة زمنية وكان هذا الرجل طموحاً، رائداً مباركاً. تحركُه في جميع المجالات، مع كل الناس، وفي كل المناطق لينقذ شعب من التخلف والتهميش والبعد عن المسؤولية. هذا الانسان جاء في زمن الجميع بحاجة اليه، الى طموحاته، الى كفاءاته، الى همته، الى نشاطه. وعندما نقول عنه نفض غبار السنين صحيح نفض غبار السنين عن الوجوه التي تعيش الزوايا والبعد عن المسؤولية. علماؤنا نظاف وأخيار وسمحاء ولكن دور الامام موسى الصدر كان مميزاً، ومقبولاً ومطلوباً؛ ولذلك قام بعمله من اجل إحياء التراث الديني حتى يتوصل الجميع الى منابع هذا التراث ويعملون بصدق وموضوعية وجدية لعودة الانسان الى ينابيع الدين والى أسسه، ومبادئه، والى اصوله، وفروعه واحكامه.
عندما نتذكر الامام موسى الصدر في ايام المحن نتطلع الى هذا الانسان بشغف وبتقدير وبمحبة. أوقف نفسه لأجل الناس، لم يفكر بنفسه ولا بعائلته بل كان همه الوحيد إنقاذ الشعب اللبناني من التهميش والتسييب. وجد هذا الشعب في الامام موسى الصدر طموحات، واهداف، ومبادئ وقيم الانسان التي يعيش مطالباً بها. غُيب حتى يُلغى دوره، خُطف حتى تبقى الساحة في حلقة مفرغة. السيد موسى كان عنده طموحات، كان عنده افكار، كان عنده مبادرات. كان يقول للحكام ارحموا هذا الشعب قبل ان تصيروا في مزبلة التاريخ.
كان يقول الوحدة الوطنية ضرورة قومية واجتماعية وانسانية. الامام موسى الصدر يحمل في عقله أفكاراً تقدمية، ورؤى مضيئة كإنقاذ الانسان من الاهمال. كان همه أولاً توحيد الصف اللبناني ومقاربة الشعب اللبناني لبعضه البعض، وإبعاده عن العصبية وعن الفئوية وعن الانانية. الامام الصدر كان مسلماً عربياً يشعر بقضايا أمته ويهتم بها. وكان همه الوحيد التصدي للعدو الاسرائيلي. سألته مرة أنت ملكي أكثر من الملك. قال لي يا شيخ عبد الامير اذا ترك الشعب الفلسطيني قتال اسرائيل سأشمر عن صاعدي وسأكون أول فدائي ينتصر لأمته ولقضايا العرب والاسلام.
فكان من هذه الزاوية مجاهداً، مناضلاً مقاوماً. كان همه الوحيد القضاء على الشر المطلق التي هي اسرائيل. عندما كان يقول التعامل مع اسرائيل حرام، كان يعنيها بصدق وبكل أبعادها لأنه يعرف ان الاسرائيلي هو وجوده وتسلطه واستيلائه على ارض فلسطين جريمة كبيرة لا يجوز السكوت عنها بل علينا ان نتعاون جميعاً مسلمين ومسيحيين لتحرير القدس وكنيسة القيامة وبيت لحم. هذا الامام الصدر الذي نفتقده اليوم، هذا الامام الصدر الذي كان مؤسساً للمقاومة، واول مقاوم في لبنان وخاصة بعد ذهاب المقاومة الفلسطينية؛ فالامام تبنى المقاومة افواج المقاومة اللبنانية- أمل وقال أنا على استعداد للتعاون مع كل الفصائل لقتال اسرائيل لأن اسرائيل هي الخطر الوحيد على أمتنا العربية.
اعتصام الامام الصدر في العاملية ليوقف الخلافات الطائفية، هجوم بعض العناصر على القاع في البقاع، والتحرك ضد دير الاحمر. فاعتصم الامام موسى الصدر حتى يوقف شلال الدم في بيروت وفي كل أنحاء لبنان حتى يبقي الشعب اللبناني في بيته وفي بلده. اعتصم من أجل حجب الدم والابتعاد عن الفتنة، ولذلك اعتصم وانتصر باعتصامه وحلّ الاعتصام في القاع. ذهبنا معه الى القاع والى دير الاحمر حتى نهدأ اخواننا في القاع وفي دير الاحمر وفي كل مكان ان الخلاف ليس معهم، الخلاف مع اسرائيل وليس مع اي انسان لبناني او عربي. كان اعتصامه من اجل الوحدة الوطنية والوحدة الدينية والبعد عن كل المشاكل.
الامام موسى الصدر كان عنده رؤى، وأفكار، وتوجهات ومبادرات. كان ينظر الى المسيحي كما ينظر للمسلم. كان يتعاون مع المسيحيين أكثر مما تعاون مع المسلمين, ومعروف اجتماعه في الحازمية 77 مثقفاً لبنانياً وكان هؤلاء أغلبهم من المسيحيين من جميع التيارات. وضعهم في صورة ان المقاومة ليست بديل عنهم في لبنان بل المقاومة لتحرير فلسطين والبقاء على لبنان واحداً موحداً.
الامام موسى الصدر كان تحركه دينياً وانسانياً ووطنياً وقومياً. كان له بصمات مضيئة في كل اتجاه. في الواقع نفتقده كمصلح اجتماعي، كرائد وطني وقومي. كانت يده ممدودة للجميع وقلبه مفتوح للجميع للمحافظة على لبنان الوطن، على لبنان الوحدة الوطنية على لبنان العيش المشترك.

source