موسى الصدر والبحث عن وطن

calendar icon 31 آب 2007 الكاتب:علي كامل جشي

"ليس للطائفة الشيعية اللبنانية وطن غير لبنان" إنها العبارة التي لطالما رددها سماحة السيد السيد موسى الصدر في لقاءاته الخاصة والعامة, ولعل هذا الموقف الى جانب مواقف اخرى تتصل بنصرة القضية الفلسطينية وبمشروع بناء الدولة العادلة في لبنان من خلال المصارحة "لا التكاذب" والحوار "لا التقاتل" دفعت ببعض المغامرين في لبنان والخارج لاعتقال السيد موسى الصدر في محاولة لوقف مسيرة بناء مشروع المواطنية اللبنانية نقيض الطائفية التي لعنها السيد المغيب ووصفها "بالنقمة".
وكلما تقترب نهاية شهر آب من كل عام تتسارع الذكريات الخاصة التي جمعت بين السيد الصدر وبين عالم الاغتراب ولا سيما في نيجيريا التي خصها "المغيّب" بزيارتين تركتا أثراً بالغاً على وحدة الجالية وعززت فيها روح المواطنية اللبنانية بصورة خلاقة.
وربما كانت السمة الأبرز في شخصية موسى الصدر كونه الأجرأ على قول كلمة الحق. ففي الوقت الذي يكثر بعض القيادات اللبنانية من الكلام الطيب ويمضي في ممارسات نقيضة, جاء ليقول "أكثروا من كلامكم الطيب ومارسوا أفعالاً طيبة", كفى كلام لياقات فالشعوب لا تبنى بالكلام فقط, والاوطان لا تبنى من خلال مجالس ادارات الاسهم فيها تصعد وتهبط ويتدخل من يتدخل بيعاً وشراء.
وها أنا اليوم اتذكر في إحدى زياراته لنيجيريا عبارته الشهيرة الحاضرة دائماً في البال... "ليس للطائفة الشيعية اللبنانية وطن ومقر غير لبنان".
وفي المناسبة ذاتها وخلال استقبال حاشد له في لاغوس سأله احد الصحافيين عن هدف زيارته فقال باللغة العربية "جئت لأزور قومي" وانا قمت بدور المترجم آنذاك وترجمت كلمة قومي بـ MY PEOPLE, وعلى أثر هذه الحادثة وخلال لقاء خاص دعا اليه الصديق الراحل جوزف نعمان في دارته في لاغوس توجه الى "السيد" قائلا "وددت يا سماحة السيد لو انك اجبت الصحافي في شأن هدف زيارتك بالقول جئت لزيارة المسلمين والمسيحيين اللبنانيين", ففهم السيد ان كلمة قومي فسرها بعض الاصدقاء المحبين وكأنه خصص بها أبناء الطائفة الشيعية, فاستأذن سماحة السيد صاحب الدعوة بكلمة اذكرها جيدا اذ قال "ان الله كالنهر وكل قوم او فئة اكانت مسلمة او مسيحية او يهودية تشكل ترعة توصلها الى النهر فيعبد الجميع إلهاً واحداً وينصهرون روحياً وانسانياً ولا فرق اذاك بين فئة وفئة الا بالتقوى".
ان مواقف السيد حيال مشروع الدولة الحديثة والعادلة وتحذيراته المتكررة لرجال الدولة آنذاك من أنهم اذا لم يبادروا فوراً الى بناء الدولة العادلة فإنهم سيخسرون الوطن, وها نحن منذ قيام الحرب البغيضة سنة 1975 ونحن نبحث عن وطن, ولا تفيد حلقات حوار لا تعبّر عن حقيقة ان بناء الوطن لا يكون الا بقيام هيكل جديد لبنان فيه الوطن وطوائفه شعب واحد.
ولا أنسى في هذا السياق الموقف التاريخي للسيد موسى الصدر على اثر زيارته لمنطقة الشريط الحدودي وجولته على القرى الحدودية شبعا – كفرشوبا, ونزل الى بيروت والتقى المسؤولين, وقال لهم: انتم من خلال ممارستكم يبدو انكم لا تعطون الخطر الاسرائيلي اي اهمية, وفي الوقت عينه تفسحون من خلال غيابكم الرسمي والمعنوي في وجود قوي للمنظمات الفلسطينية والذي بدأ ينتقل دورها من المقاومة الى الادارة المدنية هناك, فحذار اهمال الخطر الاسرائيلي وحذار ان يتحول الاخوة من مهمة تحرير فلسطين الى دولة ضمن الدولة". ولعل هذا الموقف اخذ بالسيد موسى الصدر الى رحلة آن الاوان لها ان تنتهي.
أخيراً اتوجه الى رئيس الجماهيرية العربية الليبية معمر القذافي بالقول ان اختفاء السيد أثناء وجوده على الاراضي الليبية يرتب مسؤولية قانونية على ليبيا, واننا ننتظر منه موقفاً كبيراً حيال هذه القضية يوضح حقيقة ما جرى لحفيد رسول الله, خصوصا ان سيادتكم قد شرعتم في الاونة الاخيرة بانتهاج سياسة الانفتاح والمكاشفة.
انها القضية الاهم التي ان كُشفت وحلت تفتح في المجال لولي عهدك سيف الاسلام ليتسلم الحكم وليس عليه شائنة, كما نناشد الرئيس الجزائري المساعدة في جلاء هذا الموقف لأنني أذكر أن السيد موسى الصدر قد اتصل بالرئيس الجزائري هواري بومدين ونسق معه بعض الملفات قبل زيارته ليبيا.

source